Monday, November 20, 2017

جامعة الدول العربية وقرارات النفاق

رأي القدس



Link

الاجتماع الطارئ، الذي عقدته جامعة الدول العربية مؤخراً على مستوى وزراء الخارجية العرب، لم يخرج عن المألوف الذي درجت عليه الجامعة في اجتماعاتها الدورية أو الطارئة خلال السنوات الأخيرة. ذلك أن لقاء القاهرة شهد غياب ستة وزراء خارجية، وتخفيضاً في مستوى التمثيل يشير إلى مقدار عدم الاكتراث بهذه المؤسسة المتداعية، بالإضافة إلى تحفظات على القرارات تؤكد أن ما يفرّق العرب أكثر بكثير مما يجمعهم.
وكان واضحاً أن الاجتماع لم يعقد بناء على طلب السعودية فقط، بل عقد لكي يرضي المملكة أولاً وحصرياً، ولكي يلبي أقصى ما تطلبه من تعبئة ضد إيران، ثم «حزب الله» استطراداً، بحيث بدا واضحاً تماماً أن نص البيان تمت صياغته في الرياض أولاً، ولم يفعل اجتماع القاهرة ما يتجاوز بصم الموافقين وتحفظ المتحفظين، فضلاً عن إلقاء الخطب العصماء المعتادة. أول الدلائل على هذا هو التركيز على اليمن وصواريخ الحوثي الباليستية، وكأن ميليشيات «حزب الله» و«الحرس الثوري الإيراني» و«الحشد الشعبي» و«النجباء» لا تقاتل هنا وهناك في سوريا.
صحيح أن النصّ شدد على تصنيف «حزب الله» في خانة التنظيمات الإرهابية، ولكن هذه لم تكن المرة الأولى، فقد سبق لاجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة، مطلع آذار/ مارس 2016 أن اتخذ قراراً سمى الحزب إرهابياً. وصحيح، أيضاً، أن النص صعّد اللهجة ضد إيران، واتهمها بإثارة النعرات الطائفية والمذهبية ونشر التطرف وتهديد الأمن القومي العربي، إلا أن اجتماع الوزراء أنفسهم كان ألصق الصفات ذاتها بإيران رداً على حرق السفارة السعودية في طهران مطلع العام الماضي.
من جانب آخر، إذا كان مفهوماً غياب وزراء خارجية لبنان والعراق والجزائر، لأسباب تخصّ التحفظ على تصنيف «حزب الله» في خانة الإرهاب وتصعيد اللهجة ضد إيران، فما سبب غياب وزير خارجية الإمارات عن اجتماع دعت إليه السعودية دون سواها؟ وكيف يُبرر غيابه، والبند 7 من البيان يدين استمرار احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى؟ 

ويبقى مثيراً للشفقة البند 11، الذي يحظر «القنوات الفضائية الممولة من إيران»، والتي تبث على الأقمار الصناعية العربية، «باعتبارها تشكل تهديداً للأمن القومي العربي من خلال إثارة النعرات الطائفية والمذهبية والعرقية». لقد مضى وانقضى عصر هذا الطراز من الرقابة العقيمة، التي تدفن الرأس في الرمال بعد أن تتوهم حجب الشمس بغربال! الفضاء العربي يعجّ بعشرات الأقنية التي تبثّ التطرف بأصنافه كافة، ابتداء من الوسائل الإعلامية السعودية ذاتها، ومن المضحك أن تتخيل المملكة أن حجب هذه الفضائية أو تلك سوف يردع صاروخ الحوثي.

اجتماع القاهرة مرآة صادقة جديدة عما آلت إليه حال جامعة الدول العربية، من حيث الخضوع لإرادة دول نافذة مثل السعودية ومصر، وممارسة الشقاق المجاني بعد النفاق الفاضح، والعجز عن ترجمة القرارات على الأرض في الحدود الدنيا، وممارسة التمييز الصريح بين باطل هنا وباطل هناك، واستضعاف الذات عبر اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي. وفي هذا كله، لا جديد تحت شمس الجامعة.

No comments: