Tuesday, September 6, 2016

"تعفيش" داريا


"تعفيش" داريا

الصلاة بين الركام، لم تكن أكثر من رسالة عن هوية الحكام الجدد للمنطقة (انترنت)
Link

ما أن تمت عملية اخلاء داريا، وغادر آخر أهلها مدينتهم، حتى دخلتها مختلف مليشيات النظام لتسجيل "الانتصار" والتقاط الصور التذكارية. زيارة الأمين العام لـ"لواء الإمام الحسين" الشيعي العراقي، أمجد البهادلي الملقب بـ"أبو كرار"، لتفقد مقام مزعوم لـ"السيدة سكينة" والصلاة بين الركام، لم تكن أكثر من رسالة عن هوية الحكام الجدد للمنطقة.

المدينة فُتحت لكل من يريد أن يسرق، "يعفّش"، وسرعان ما امتلأت أسواق صحنايا والمزة 86 ومنطقة دويلعة والكباس بالأثاث المنزلي المنهوب والمعروض للبيع بأرخص الأسعار. الأمر الذي أثار غضب حتى صحافيين مواليين، صوّروا عمليات التعفيش والأسواق التي تُباع فيها البضائع، مطالبين بمحاسبة الفاعلين ووقف هذه الظاهرة التي "تُسيء لأرواح الذين استشهدوا لتحرير داريا"، بحسب وصفهم.

وعلى الرغم من استباحة المدينة و"تعفيش" كل ما فيها، منعت "الفرقة الرابعة" إخراج أي شيء يتعلق بالأنقاض والحديد. و"الفرقة الرابعة" التي يقودها ماهر الأسد، باتت مسؤولة عن مداخل المدينة بشكل كامل؛ وأبقت على "تجارة" الحديد والأنقاض حكراً على تجار يتبعون لرجل أعمال النظام محمد حمشو، والذي "سيساهم" في "إعادة إعمار المنطقة"، بحسب مصادر خاصة لـ"المدن".

كما مَنعت "الفرقة الرابعة" النازحين السابقين من أهل المدينة والمقيمين في مناطق سيطرة النظام، من العودة إلى منازلهم. وجرت مشاجرات بين عناصر من "الفرقة الرابعة" وآخرين تابعين لـ"المخابرات الجوية" و"الأمن العسكري"، بعد محاولة ادخال مدنيين إلى منازلهم، لقاء مبالغ مالية. المشاجرات تطورت إلى استخدام الأسلحة، قبل أن تتم معالجة الأمور من قيادة "الفرقة الرابعة".

أحد نازحي داريا، تمكن من الدخول إلى منزله ومنازل جيرانه، بعد وساطة من أحد عناصر "الفرقة الرابعة" ودفعه رشوة بمقدار 50 ألف ليرة سورية، روى لـ"المدن" تفاصيل رحلته إلى مدينته المدمرة. زيارة استمرت ساعتين، كانت كافية لرصد عمليات التخريب المتعمد؛فالقوات المسؤولة عن تمشيط داريا، والتابعة لـ"الحرس الجمهوري"، قامت بتدمير الأثاث الذي لم تتمكن المليشيات من تعفيشه. النازح وصف تخريب منزله الذي طال حتى الأبواب والنوافذ، والأثاث الذي تمّ تحطيمه بعد العجز عن حمله، حتى بلاط الأرضيات تمّ اقتلاعه وتكسير ما علق منه.

مصادر "المدن"، أكدت مقتل عدد من عناصر المليشيات الموالية، التي دخلت المدينة، إثر انفجار ألغام أرضية كانت المعارضة قد زرعتها أثناء المعارك وقبل انسحابها. وانقلبت سيارة شحن كانت تنقل الأثاث المسروق، وقتل اثنان من قوات النظام داخلها، بعد انفجار لغم أرضي فيها. كما قُتل ثلاثة عناصر في إحدى الطرق الزراعية بلغم أرضي أيضاً. وفي صحنايا انفجرت عبوة كانت مزروعة في براد سرقته المليشيات، وتسببت في قتل شخصين.

مصادر "المدن" أشارت إلى أن نقيباً من مرتبات "الفرقة الرابعة" يُدعى عروة، والمقرب من ماهر الأسد، أصبح المسؤول الأول عن أمن داريا ومداخلها، لما له من سجل حافل في "تعفيش" المليحة وبلدات ريف دمشق الجنوبي. ويقوم عروة بالترتيب مع التجار الذين يُحمّلون الحديد والأنقاض من المدينة، بواسطة سيارات شحن تمت مصادرتها عن طريق صحنايا-دمشق بشكل تعسفي، للقيام بعمليات النقل إلى مناطق التجميع، ليعاد تدوير الحديد والأنقاض، في معامل خاصة تُنتج مواد البناء.

No comments: