Sunday, September 9, 2012

مرسي أم مبارك؟


مرسي أم مبارك؟
عبد الحليم قنديل

"هل ثمة سياسة عربية وخارجية جديدة لمصر الآن؟ وهل من فارق حقيقي بين خط الرئيس محمد مرسي العياط وخط المخلوع محمد حسني مبارك؟
هناك ـ بالطبع ـ متغيرات دراماتيكية في الخرائط العربية، وبسبب جوهري هو تلاحق الثورات التي انتقلت سريعا من تونس إلى مصر، ثم شملت ليبيا، واتجهت إلى الشرق في اليمن ثم سورية والبحرين، ونشأت في مواجهة الثورات محاولات دؤوبة للاحتواء، ولا تزال المعركة جارية فصولها، والسجال مفتوح، ودون أن يصل المشهد بعد إلى صورة ختام .
ومن ثم لايصح ـ مثلا ـ أن تقارن بين موقف مرسي في الموضوع السوري وموقف مبارك، ولسبب بسيط جدا، وهو أنه لا يمكن تخيل أن الثورة كانت ستقوم في سورية أيام بقاء مبارك في رئاسة مصر، فلم تكن الثورة لتقوم في سورية دون أن تنشب أولا فى مصر، والمعنى: أن موقف مرسي الداعم للثورة في سورية، ومطالباته المتكررة بتنحي بشار الأسد، هذا الموقف ليس من موضوعات المقارنة الجائز تصورها عقلا بين خط مرسي وخط مبارك، فهو موضوع مستجد تماما، وموقف الشعب المصري فيه ظاهر تماما، فالكتلة الغالبة من الشعب المصري وقواه الحية تستشعر عذاب الشعب السوري، وتؤيد ثورته وأشواقه إلى الحرية، ولسورية ـ كما هو معروف ـ مكانتها المميزة في ضمائر وقلوب المصريين .
عدا قصة سورية المستجدة، والتي ليس بوسع مرسي أن يقول فيها كلاما آخر، فلا يبدو من جديد ملفت في سياسة مرسي العربية يميزه عن مبارك ، بل أن التشابه إلى حد التطابق يبدو ظاهرا، برغم أن مرسي يبدو مختلفا في أدائه الشخصي، وفي ثرثراته السياسية المرتجلة غالبا، والتي يحاول بها أن يوحي بفارق ما عن مبارك، والذي كان يقرأ نصوصا كتبت له، لا يتجاوزها، ولا يبدي انفعالا بشيء يحرك وضعه 'الشمعي' الجامد .
أصل التقارب ـ إلى حد التطابق ـ بين مرسي ومبارك في داخل مصر ذاتها، وقبل أن يمتد بأثره إلى خارجها، وربما لا يكون لمرسي شخصيا حيلة في القصة كلها، فمرسي كادر إخواني ملتزم ومطيع نموذجي، وصعد إلى رئاسة حزب الإخوان بفضل طاعته للمرشد، ويواصل نفس سلوك الطاعة وهو في كرسي الرئاسة المصرية، وقراراته تصاغ له في مكتب إرشاد الإخوان، ثم تترك له مهمة توقيعها، وليس لدى جماعة الإخوان اختيار مختلف جوهريا عن سابقتها 'جماعة مبارك'، لا في السياسة ولا في الاقتصاد ولا في الثقافة، وسياسة مرسي ـ في المحصلة ـ هي سياسة مبارك، وإن كان جائزا إضافة بعض التنقيحات الإخوانية، أو التمتمات والثرثرات والتبريكات، والإكثار من ذكر الآيات القرآنية، وإضفاء طابع ديني مموه على اختيارات مبارك ذاتها، وهذه اختلافات في المبنى لا تجد مكافئا لها في المعنى، فمصر ـ تحت رئاسة مرسي ـ لاتزال في القيد الاستعماري نفسه، ولا تزال خاضعة للهيمنة الأمريكية الإسرائيلية، وأقرب إلى وضع المستعمرة الأمريكية كاملة الأوصاف، واقتصادها لا يزال محتلا، وتحت وصاية صندوق النقد والبنك الدوليين، ونخبتها الإقتصادية هي ذاتها 'رأسمالية المحاسيب' الموروثة عن جماعة مبارك، ومع إعادة تشكيل فرق المليارديرات، وبحيث تؤول القيادة إلى 'كابتن' من جماعة الإخوان لا من جماعة مبارك، وعلى طريقة إحلال أدوار لخيرت الشاطر أو حسن مالك ـ الإخوانيين ـ محل دور أحمد عز 'المباركي'، والمحصلة: أن مصر لا تزال في الأسر، ولا يتوقع من بلد أسير أن تكون له إرادة يعتد بها، أو أن يصوغ سياسة عربية وخارجية حرة، أو أن تكون له استراتيجية تخصه، وليست ملحقة بالآخرين، وحتى في الموضوع السوري الذى يبدو فيه موقف مرسي محقا، فإنه أقرب إلى استعادة لمواقف آخرين في منطقة الخليج الخاضعة للأولويات الأمريكية، والذين لا يهمهم حرية الشعب السوري بقدر ما يهمهم إضعاف سورية وتفكيكها .
وفي خطاب مرسي الأخير بالجامعة العربية، بدت مصر كأنها دولة 'صغيرة' الشأن تتبرع بتأييد أدوار الآخرين، وعلى طريقة أفراح القرى الصغيرة في مصر، والتي يتبرع فيها مذيع الحفل بتحية و'مشوبشة الرجالة والمعلمين' مقابل نقود توضع في حجره، فمرسي ـ في خطابه ـ يؤيد ويحيي دور السعودية في اليمن ويؤيد ويحيي دور قطر في السودان، ودون أدنى التفات لدور مصر ذاتها، وحتى في الموضوع الفلسطيني، وهو منطقة نفوذ تقليدي لمصر، فقد بدت ثرثرات الرجل تكرارا لأراجيز مبارك عن السلام الذي لا يأتي أبدا، وعن دعم مصر لعباس في توجهه للأمم المتحدة، ودون أن يذكر مرسي ـ الإخواني ـ إسرائيل بصفة 'العدو'، ولا لمرة واحدة، بل ذكرها بصفة 'الطرف الآخر'، وبدا الأمر كله أشبه بمسخرة حقيقية، انتهت إلى ذات النهاية العاجزة المكررة، وهي تقدم الجامعة العربية بشكاوى ورجاءات إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة في الموضوعين السوري والفلسطيني، وانفضاض الاجتماع كما بدأ، ومع فارق كئيب إضافي، وهو غلق الشوارع المحيطة بمقر الجامعة العربية على نيل القاهرة لتسهيل مرور موكب مرسي وحراساته الأمنيــة الكثــيفة، وعلى طريقة مبارك المخلوع ذاتها.
وقد يقال لك أن مرسي زار الصين في أول رحلاته للعالم غير العربي، وأن في هذا مؤشر على تغير ما، وهذه قراءة خاطئة تماما، فقد أعلنت مؤسسة رئاسة مرسي عن موعد زيارته لواشنطن قبل أن يذهب إلى الصين، ثم أن رحلة مرسي للصين كانت محض اقتصادية و'تسولية'، تماما وعلى ذات الطريقة التي كان يذهب بها مبارك إلى الصين، وفي بكين لم يتذكر 'الشيخ 'مرسي معاناة مئة مليون مسلم في مقاطعات غرب الصين، وهو الذي لا يفتأ يكرر حكاية أهل السنة والجماعة، ويتعمد إغاظة الشيعة المسلمين على طريقة 'كيد النسا'، وعلى النحو الذى افتتح به خطابه في مؤتمر حركة عدم الانحياز في طهران، وبدا كأنه يستعيد زمن الفتنة الكبرى التي فرقت المسلمين شيعا وفرقا ومذاهب، ولم يكن في ذلك سهو ولا خلط، بل كان كل شيء متعمدا، فقد غضبت أمريكا وقتها من اعتزام مرسي زيارة طهران، وغضب أهل أمريكا في الخليج، والذين تعودوا على إذلال السياسة المصرية، ومنع مصر من إقامة علاقات طبيعية مع إيران، كان ذلك في زمن المخلوع، وسرى الأمر ذاته في زمن مرسي، والذي بدا كأنه يتمرد على القيد، ويعتزم مغازلة طهران، وكان على مرسي أن يبحث عن حيلة للخروج من الحرج، كان عليه أن يفاقم الخلاف مع إيران، لا أن يرمم الجسور المقطوعة معها، وهكذا فعل فاستعاد رضا السادة في واشنطن وفي عواصم الخليج، واستخدم اسم مصر في إشعال المزيد من الفتنة والفرقـــة بين السنة والشيعة، وعلى الطريقة التي تريدها واشنطن بالضبط، والتي تتبنى سياسة بريطانيا القديمة 'فرق تسد'، وترسم خرائط المنطقة على أساس الحرب الدائمة بين 'الهلال الشيعي' و'القوس السني'، وقد نهض مرسي بالدور التخريبي نفسه الذي كان موكولا لمبارك، وبكفاءة دينية أكبر.
وربما كان ذلك التطابق هو الذي حمل متظاهرين في القاهرة على رفع لافتة ملفتة، غيروا فيها اسم الرئيس محمد مرسي العياط إلى الرئيس محمد مرسي 'مبارك'.
"

1 comment:

Anonymous said...

un autre nom pour [url=http://viagraprixenligne.com#311]acheter viagra [/url] couts [url=http://viagrasildenafilprix.com#448] viagra [/url] en ligne pas cher Viagra Prix [url=http://viagrageneriqueprix.com#9,861E]viagra prix[/url] nom medical Beaucoup de gens souffrent de ce que nous appelons communément les taches de vieillesse, mais ils seraient appelés taches de manière plus appropriée [url=http://levitra-generique.eu#260]levitra prix[/url] la dépendance